المحيط الإسلامي من الوثنية و عبادة الأصنام و إزالة آثارها، من المسائل ذات
الأهميّة القصوى، فإنّ القرآن يكرر هذه المطالب بعبارات جديدة- في الآيات محل
البحث- و يورد القرآن كذلك لطائف تخرج المطلب- عن صورة التكرار، و لو التكرار
المجازي.
فتقول الآية الأولى من هذا الآيات محل البحث: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ
فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ.
و تضيف معقبة وَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ.
و كان التعبير في الآيات المتقدمة أنّهم إذا أدّوا وظيفتهم الإسلامية، أي
تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزّكاة فَخَلُّوا
سَبِيلَهُمْ أمّا التعبير في هذه الآية فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ أي لا فارق بينهم و بين أحد من المسلمين من حيث الاحترام و المحبّة، كما لا
فارق بين الإخوان.
و هذه التعابير تؤثر من الناحية النفسية في أفكار المشركين و عواطفهم لتقبل
الإسلام، إذ تقول في حقّهم تارة فَخَلُّوا
سَبِيلَهُمْ و تارة
فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ إلخ ...
و لكن لو استمر المشركون في نقض العهود، فتقول الآية التالية: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ
طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ
لَهُمْ.
صحيح أنّهم عاهدوكم على عدم المخاصمة و المقاتلة، إلّا أن هذه المعاهدة-
بنقضها مرارا، و كونها قابلة للنقض في المستقبل- لا اعتبار لها أصلا و لا قيمة
لها.
و تعقّب الآية مضيفة لَعَلَّهُمْ
يَنْتَهُونَ و في الآية الأخرى خطاب للمسلمين لإثارة
هممهم، و إبعاد روح الضعف و الخوف و التردد عنهم في هذا الأمر الخطير، إذ تقول
الآية: أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا
أَيْمانَهُمْ وَ هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ.
فعلام تقلقون و أنتم لم تبدأوهم بالقتال و إلغاء العهد من قبلكم وَ هُمْ بَدَؤُكُمْ