ترى هل يمكن أن نعدّ عليّا عليه السلام و أصحابه في حرب الجمل على الحق كما
نعدّ أعداءه فيها على الحق أيضا؟! و نعد طلحة و الزبير و من معهما من الصحابة على
الحق كذلك؟! و هل يقبل العقل و المنطق هذا التضاد الفاضح؟
و هل يمكننا أن نغض النظر من أجل عنوان «تنزيه الصحابة» و لا نلتفت إلى
التأريخ و ننسى كل ما حدث بعد النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نضرب عرض
الجدار قاعدة إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقاكُمْ؟
مالكم كيف تحكمون؟! و ما يمنع أن يكون الإنسان من أهل الجنّة و مؤيدا للحق
يوما، و يكون من أهل النّار و مؤيدا للباطل و من أعداء الحق يوما آخر؟ ... فهل
الجميع معصومون؟
ألسنا نرى التغييرات في أحوال الأشخاص بأم أعيننا؟! قصة «اصحاب الردّة» و
ارتداد جمع من المسلمين بعد رحلة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مذكورة في
كتب أهل السنّة و الشّيعة، و أن الخليفة الأوّل تصدى لهم و قاتلهم، فهل يعقل أنّ
أحدا من «اصحاب الردّة» لم ير النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يكونوا في
عدّة الصحابة؟
و الأعجب من ذلك أنّ بعضا تشبث بالاجتهاد للتخلص من الطريق المسدود و التناقض
في ذلك، و قالوا: إن أمثال طلحة و الزبير و معاوية و من لفّ لفهم قد اجتهدوا
فأخطأوا و ليسوا مذنبين، بل هم مثابون مأجورون بأعمالهم من قبل اللّه! فما أفضح
هذا المنطق؟! فهل الثورة على خليفة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نقض
البيعة و هدر دماء الآلاف من الأبرياء من أجل رئاسات دنيوية و حب المال، موضوع
معقد و مبهم و لا يعرف أحد ما فيه من سوء؟! ترى هل في سفك كل تلك الدماء البريئة
أجر و ثواب عند اللّه؟!