أمّا الآية الثّانية فتشير إلى النقطة المقابلة للمجتمع الإسلامي، أي مجتمع
الكفر و أعداء الإسلام، فتقول: وَ
الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.
أي أنّ علاقاتهم منحصرة فيما بينهم، و لا يحق لكم أن تتعاهدوا معهم، أو تحاموا
عنهم، أو تطلبوا منهم النصرة لأنفسكم، أو تلجؤوهم و تؤووهم إليكم، أو تأووا و
تلتجئوا إليهم.
و بعبارة موجزة: لا يحق للكفار أن يدخلوا في نسيج المجتمع الإسلامي، و لا يحق
للمسلمين أن يدخلوا في نسيج الكفار.
ثمّ تنبه الآية المسلمين و تحذرهم من مخالفة هذا التعليم، فتقول: إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ
فَسادٌ كَبِيرٌ.
و أي فتنة و فساد أكبر من تهميش انتصاركم، و سريان دسائس الأعداء في مجتمعكم،
و تخطيطهم لهدم دينكم دين الحق و العدل.
أمّا في الآية التالية فنجد تأكيدا على مقام المهاجرين و الأنصار مرّة أخرى، و
ما لهما من موقع و أثر في تحقق أهداف المجتمع الإسلامي، فتثني عليهم الآية بقولها: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا.
لأنّهم هبوا لنصرة الإسلام في الأيام الصعبة الشديدة و في الغربة و المحنة و
قد اشترك كل فرد منهم بنوع من النصرة للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ.
فهم فائزون بثواب اللّه و النعمة الأخروية، كما أنّهم يتمتعون في هذه الدنيا
بالعزة و رفعة الرأس و الكرامة.
أمّا الآية الأخيرة فتشير إلى الطائفة الرّابعة من المسلمين، أي أولئك الذين
آمنوا و هاجروا من بعد، فتقول: وَ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا