و تختتم الآية بالقول أن التعليم آنف الذكر- في الواقع- مزيج من العزة و النصر
و الحكمة و التدبير، لأنّه صادر من قبل اللّه تعالى وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
الآية التالية توجّه اللوم و التعنيف ثانية لأولئك الذين يعرضون المنفعة
العامّة و المصلحة الاجتماعية للخطر من أجل الحصول على المنافع المادية العابرة،
فتقول الآية: لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ
لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
و قد أورد المفسّرون في شأن قوله تعالى: لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ احتمالات مختلفة كثيرة، إلّا أنّ أقربها و أكثرها ملاءمة و مناسبة هو «إذا لم
يكن اللّه قد قرر من قبل أن لا يعذب عباده ما لم يبيّن نبيّه حكمه لهم، لأخذكم
أخذا شديدا بسبب تأسيركم عدوكم رغبة في المنافع المادية و إيقاعكم جيش الإسلام و
انتصاره النهائي في الخطر، إلّا أنّه- كما صرحت الآيات الكريمة في القرآن- فإنّ
سنة اللّه اقتضت أن تبين أحكامه ثمّ يجازي الذي يخالفون عن أمره»، إذ قال سبحانه: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[1].
ملاحظات
1- إنّ ظاهر الآيات- كما قلنا آنفا- يعالج موضوع أخذ الأسري في الحرب لا أخذ
«الفدية» بعدها، و بذلك ينحل كثير من الإشكالات التي أثارها جماعة من المفسّرون
بشأن مفهوم الآية.
كما أنّ اللوم و التعنيف يختص بجماعة انشغلت- قبل أن يتمّ النصر النهائي- بأسر
العدو لأهداف دنيوية، و لا علاقة لها بشخص النّبي و أصحابه المؤمنين الذين كان هدفهم
الجهاد في سبيل اللّه.