responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 480

كل ذلك.

أضف إلى ذلك أنّ المؤمنين المخلصين قد أحاطوا بك من كل جانب و لم يدخروا وسعا في الدفاع عنك، فقد كانوا قبل ذلك متشتتين متعادين، و لكنّ اللّه شرح صدورهم بأنوار الهداية وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ‌.

و قد كانت الحرب لسنوات طويلة قائمة على قدم و ساق بين طائفتي الأوس و الخزرج و كانت صدورهم تغلي غيظا و حقدا بعضهم على بعض بشكل لم يكن أي أحد يتصور أنّهم سيعيشون بعضهم مع بعض بالحب و الصفاء في يوم ما، و سيكونون صفا واحدا متراصا، و لكن اللّه القادر المتعادل فعل ذلك ببركة الإسلام و في ظلال القرآن، و لم يكن هذا الإمر مقتصرا على الأوس و الخزرج الذين هم من الأنصار، بل كان ذلك بين المهاجرين أيضا الذين جاءوا من مكّة، إذ لم يكن بينهم- قبل الإسلام- حب و مودّة، بل كانت صدورهم مليئة بالبغضاء و الشحناء أيضا، لكن اللّه عزّ و جلّ غسل كل تلك الأحقاد و أزالها بحيث تمكن معها ثلاثمائة و ثلاثة عشر من أبطال بدر، منهم حوالي ثمانين نفرا من المهاجرين و الباقي من الأنصار، فكانوا جيشا صغيرا، لكنّه متحدّ قوي استطاع أن يكسر شوكة العدوّ و يحطم قوته.

ثمّ تضيف الآية أن اتّحاد تلك القلوب، أو إيجاد تلك الألفة، لم يكن بوسائل مألوفة أو مادية لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ‌.

إنّ الذين يعرفون حالة نفوس المتعصبين و الحاقدين، كأولئك الذين كانوا في العصر الجاهلي، يعرفون كذلك أن تلك الأحقاد و الضغائن لم يكن بالإمكان إزالتها، لا بالمال و لا بالجاه و المقام، لأنّها كانت لا تزول عندهم إلّا بالانتقام الذي يتكرر بصورة متسلسلة فيما بينهم، و في كل مرّة يكون في صورة أبشع و أكثر

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 480
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست