في حيرة و اضطراب و يرحلون، و الشاهد على هذه الموضوع هو الآية (101) من سورة
التّوبة إذ تقول: وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا
عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ.
و يحتمل أن مفهوم الآية يشمل جميع أعداء الإسلام غير المعروفين أعم من
المنافقين و غيرهم.
2- الاستعداد في كل مكان و زمان
و تتضمن الآية تعليما لمسلمي اليوم أيضا، و هو أنّه لا ينبغي الاكتفاء
بالاستعداد لأعداء الإسلام الذين تعرفونهم، بل عليكم أن تنتبهوا للأعداء
الاحتماليين أو «بالقوّة» و أن تتهيأوا حتى تكونوا في أعلى حدّ من القوّة و
القدرة، و في الحقيقة فإنّ المسلمين لو تنبهوا لهذه القضية المهمّة لما منوا
بهجمات الأعداء المفاجئة.
و في نهاية الآية إشارة إلى موضوع مهم آخر، و هو أنّ الاستعداد العسكري و جمع
الأسلحة و الأجهزة الحربية و وسائل الدفاع المختلفة، كل ذلك يحتاج إلى بالدعم
المالي اللازم له، لذلك تأمر المسلمين بالتعاون الجماعي لتهيئة ذلك المال، و أن ما
يبذلونه في هذا الأمر فهو عطاء في سبيل اللّه، و لن ينقص منه شيء أبدا وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
يُوَفَّ إِلَيْكُمْ فيرجع إليكم جميعه، بل أكثر
ممّا أنفقتم وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ، و ستنالون ثواب ذلك في هذه الدنيا في انتصار الإسلام و
قوته و عظمته، لأنّ الشعب الضعيف ستتعرض أمواله للخطر و سيفقد أمنه و حريته و
استقلاله أيضا، فبناء على ذلك فإنّ ما تنفقونه في هذا السبيل سيعود إليكم عن طريق
آخر و في مستوى أفضل و أسمى.
كما أنّ ثوابا أعظم ينتظركم في العالم الآخر في جوار رحمة اللّه، فمع هذه
الحال لا تظلمون، بل ستنالون خيرا كثيرا.