فهل اللّه عاجز- و العياذ باللّه- من تحقيق و عوده؟! أو قد نسيها! أو غيّرها؟
و إذا لم يكن كذلك، فلم ذهب كل ذلك المجد و العظمة و العزّة؟
إنّ القرآن الكريم يجيب- في آية قصيرة- على كل تلك التساؤلات، و يدعو إلى
العودة إلى أعماق الوجدان، و النظر في ثنايا المجتمع، فسترون أن التغيير يبدأ من
أنفسكم، و أنّ الألطاف و الرحمة الإلهية تعم الجميع، فأنتم الذين أذهبتم قدراتكم و
طاقاتكم هدرا فصرتم إلى هذا الحال.
و لا تتكلم الآية عن الماضي فحسب ليقال: إنّ ما مضى قد مضى بما فيه من مرارة و
حلاوة، و انتهى و لن يعود، و الكلام عنه غير مجد و غير نافع. بل تتكلم الآية عن
الحاضر و المستقبل أيضا، فإنّكم إذا عدتم إلى اللّه و أحكمتم أسس إيمانكم، و وعت
عقولكم، و ذكرتم عهودكم و مسئولياتكم، و تصافحت الأيدي بعضها مع بعض و تعالت
الصرخات المدوّية للنهضة، و بدأتم بالجهاد و الفداء و السعي و العمل على كل صعيد،
فسوف تعود المياه إلى مجاريها، و ستنقضي الأيّام السود و ترون أفقا مشرقا و ضاء، و
ستعود أمجادكم العظيمة، في صورة أجلى و أكبر! تعالوا لتبديل أحوالكم، و ليكتب
علماؤكم، و يجاهد مقاتلوكم، و يسعى التجار و العمال، و يقرأ شبابكم أكثر فأكثر و
يطهروا أنفسهم و تزداد معارفهم، ليتحرك دم جديد في عروق مجتمعكم فتتجلّى قدراتكم
بشكل يعيد له أعداؤكم الأرض المحتلة التي لم يعد منه شبر واحد بالرغم من كل أنواع
التذلل و الرجاء و الاستعطاف!! ...
و من الضروري أن نذكر هذه اللطيفة، و هي أنّ القيادة ذات تأثير مهم في مصير
الشعوب، و لا ننسى أن الشعوب الواعية تختار لنفسها القيادة الحكيمة اللائقة، أمّا
القادة الضعاف أو المتكبرون أو الظالمون فيسحقهم غضب الشعوب و إرادتهم القوية، و
لا ينبغي أن ننسى أنّ ما وراء الأسباب و العوامل الظاهرية