لكن أمرهم آل إلى الهزيمة فشربوا كؤوس المنايا المترعة بدلا من كؤوس الخمر، و
جلست المغنيات ينحن على جنائزهم!! و الآيات محل البحث تشير إلى هذا الموضوع، و
تنهى المسلمين عن مثل هذه الأعمال، و تضع لهم تعاليم جديدة في شأن الجهاد إضافة
إلى ما سبق من هذه الأمور.
و بصورة عاملة فإنّ في الآيات محل البحث ستة أوامر للمسلمين هي:
1- أنّها تقول أوّلا: يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا أي أن إحدى علائم الإيمان هي ثبات القدم في جميع الأحوال،
و خاصّة في مواجهة الأعداء.
و لا ريب أنّ المراد من ذكر اللّه هنا ليس هو الذكر اللفظي فحسب، بل حضور
القلب، و ذكر علمه تعالى و قدرته غير المحدودة و رحمته الواسعة، فهذا التوجه إلى
اللّه يقوّي من عزيمة الجنود المجاهدين، و يشعر الجندي بأنّ سندا قويّا لا تستطيع
أية قدرة في الوجود أن تتغلب عليه يدعمه في ساحة القتال، و إذا قتل فسينال السعادة
الكبرى و يبلغ الشهادة العظمى، و جوار رحمة اللّه، فذكر اللّه يبعث على الاطمئنان
و القوّة و القدرة و الثبات في نفسه.
بالإضافة إلى ذلك، فذكر اللّه و حبّه يخرجان حبّ الزوجة و المال، و الأولاد من
قلبه، فإنّ التوجه إلى اللّه يزيل من القلب كل ما يضعفه و يزلزله، كما
يقول الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام في دعائه المعروف- في
الصحيفة السجادية- بدعاء أهل الثغور: «و أنسهم عند
لقائهم العدوّ ذكر دنياهم الخدّاعة، و امح عن قلوبهم خطرات المال الفتون، و اجعل
الجنّة نصب أعينهم».
3- كما أنّ من أهم أسس المبارزة و المواجهة هو الالتفات للقيادة و إطاعة أوامر
القائد و الآمر، الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر، لذلك فإنّ الآية
بعدها تقول: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ.
4- وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا لأنّ النزاع و الفرقة امام الأعداء يؤدي إلى