كما أن ترك الخيانة في الأمانة يعدّ من الحقوق و الواجبات الإنسانية، حتى إذا
كان صاحب الأمانة غير مسلم فلا تجوز خيانة أمانته.
و يقول القرآن في آخر الآية: وَ
أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي أنّه قد يصدر منكم على
نحو الخطأ ما هو خيانة، و لكن تقدموا على الخيانة و أنتم تعلمون، فإنّ عملا كعمل
(أبي لبابة) لم يكن لجهل أو خطأ، بل بسبب الحب المفرط للمال و البنين و حفظ
المصالح الشخصية الذي قد يسد في لحظة حساسة كل شيء بوجه الإنسان، فكأنّه لا يرى
بعينه و لا يسمع بأذنيه ... فيخون اللّه و رسوله، و هذه في الحقيقة خيانة مع
العلم، و المهم أن يستيقظ الإنسان بسرعة كما فعل (أبو لبابة) ليصلح ما قام
بتخريبه.
و الآية بعدها تحذر المسلمين ليجتنبوا الماديات و المنافع العابرة، لئلا تلقى
على عيونهم و آذانهم غشاء فيرتكبون خيانة تعرّض المجتمع إلى الخطر فتقول:
و كلمة «فتنة»- كما ذكرنا- تأتي في مثل هذه الموارد بمعنى وسيلة الامتحان، و
الحقيقة أنّ أهم وسيلة لامتحان الإيمان و الكفر و الشخصية و فقدانها، و ميزان
القيم الإنسانية للأفراد هو هذان الموضوعان (المال و الأولاد).
فكيفية جمع المال و كيفية إنفاقه، و المحافظة عليه و ميزان التعلق به، كل تلك
ميادين لامتحان البشر، فكم من أناس يلتزمون بظاهر العبادة و شعائر الدين، حتى
المستحبات يلتزمون بشدّة في أدائها، لكنّهم إذا ما ابتلوا بقضية مالية، تراهم
ينسون كل شيء و يدعون الأوامر الإلهية و مسائل الحق و العدل و الإنسانية جانبا.
أمّا عن الأبناء فهم ثمار قلب الإنسان و براعم حياته المتفتحة، و لهذا نجد
الكثير من الناس المتمسكين بالدين و المسائل الأخلاقية و الإنسانية، لا يراعوا
الحق و الدين بالنسبة للمسائل المتعلقة بمصلحة أبنائهم، فكأنّ ستارا يلقى على