و الأمن و السكينة و التوفيق و السعادة، كلّها بيديه و تحت قدرته، فلا يمكن
للإنسان كتمان أمر ما عنه، أو أن يعمل أمرا بدون توفيقه، و ليس من اللائق التوجه
لغيره و سؤال من سواه. لأنّه مالك كل شيء و المحيط بجميع وجود الإنسان. و ارتباط
هذه الجمل مع سابقتها من جهة أنّه لو دعا النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
الناس إلى الحياة، فذلك لأنّ الذي أرسله هو مالك الحياة و الموت و العقل و الهداية
و مالك كل شي.
و للتأكيد على هذا الموضوع فإنّ الآية تريد أن تقول: إنّكم لستم اليوم في
دائرة قدرته فحسب، بل ستذهبون إليه في العالم الآخر، فأنتم في محضره و تحت قدرته
هنا و هناك.
ثمّ تشير إلى عاقبة السوء لمن يرفض دعوة اللّه و رسوله إلى الحياة فتقول:
وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا
مِنْكُمْ خَاصَّةً.
و كلمة (فتنة) استعملت في القرآن المجيد بمعان مختلفة، فقد جاءت تارة بمعنى
الإختيار و الامتحان، و تارة بمعنى البلاء و العذاب و المصيبة، و هي في الأصل
بمعنى إدخال الذهب في بوتقة النّار ليتميز جيده من رديئه، ثمّ استعملت بمعنى
الإختيارات التي تكشف الصفات الباطنية للإنسان، و استحدثت في الابتلاء و الجزاء
الذي يبعث الصفاء في روح الإنسان و يطهّره من شوائب الذنوب، و أمّا في هذه الآية
فإنّ كلمة (فتنة) بمعنى البلاء و المصائب الاجتماعية التي يصاب بها الجميع فيحترق
فيها الأخضر مع اليابس.
و في الحقيقة فشأن الحوادث الاجتماعية هو هكذا، فإذا ما توانى مجتمع ما عن
أداء رسالته، و انهارت القوانين على أثر ذلك، و انعدم الأمن، فإنّ نار الفتنة
ستحرق الأبرار مع الأشرار، و هذا هو الخطر الذي يحذر اللّه تبارك و تعالى منه و
يحذر في هذه الآية المجتمعات البشرية كلّها.
و مفهوم الآية هنا هو أنّ أفراد المجتمع مسئولين عن أداء وظائفهم، و كذلك