responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 390

فلهذا كان الكلام في هذه الآية الشريفة موجها إليهم.

الآية الثّانية: تؤكّد هذا المعنى أيضا فتقول: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ‌.

إنّ هذا التعبير الطريف يشير للذين يعلمون و لا يعملون، و يسمعون و لا يتأثرون، و في ظاهرهم أنّهم من المؤمنين، و لكنّهم لا يطيعون أوامر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فهؤلاء لهم آذان سامعة لكل الأحاديث و يعون مفاهيمها، و بما أنّهم لا يعملون بها و لا يطبقونها فكأنّهم صمّ لا يسمعون، لأنّ الكلام مقدمة للعمل فلو عدم العمل فلا فائدة من أية مقدمة.

و أمّا المراد من هؤلاء الأشخاص الذين يحذّر القرآن المسلمين لكيلا يصيروا مثلهم، فيرى بعض أنّهم المنافقون الذين اتخذوا لأنفسهم مواقع في صفوف المسلمين، و قال آخرون: إنّما تشير إلى طائفة من اليهود، و ذهب بعض بأنّهم المشركون من العرب. و لا مانع من انطباق الآية على هذه الطوائف الثلاث، و كل ذي قول بلا عمل.

و لما كان القول بلا عمل، و الاستماع بلا تأثر، أحد الأمراض التي تصّاب بها المجتمعات، و أساس الكثير من التخلفات، فقد جاءت الآية الأخرى لتؤكّد على هذه المسألة بأسلوب آخر، فقالت: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ‌ [1].

و لمّا كان القرآن كتاب عمل فإنّه ينظر إلى النتائج دائما، فيعتبر كل موجود لا فائده فيه كالمعدوم، و كل حي عديم الحركة و التأثير كالميت، و كل حاسّة من حواس الإنسان مفقود إذا لم تؤثر فيه تأثيرا ايجابيا في مسيرة الهداية و السعادة، و هذه الآية اعتبرت الذين لهم آذن سالمة لكنّهم لا يستمعون لآيات اللّه و دعوة


[1] «... صم» جمع «الأصم» و هو الذي لا يسمع و «البكم» جمع «الأبكم» و هو فاقد النطق.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست