إنّ النمو و التكامل من خصائص جميع الموجودات الحية، فالموجودات الفاقد للنمو
و التكامل إمّا أن يكون ميتا أو في طريقه إلى الموت. و المؤمنون حقّا لهم إيمان
حيّ ينمو غرسه يوما بعد يوم بسقيه من آيات اللّه، و تفتح أزهاره و براعمه، و يؤتي
ثماره أكثر فأكثر، فهم ليسوا كالموتى من الجمود و عدم التحرك، ففي كل يوم جديد
يكون لهم فكر جديد و تكون صفاتهم مشرقة جديدة ...
و هذه الدّرجات مبهمة لم يعين مقدارها و ميزانها، و هذا الإبهام يشير إلى
أنّها درجات كريمة عالية.
و للمؤمنين إضافة لدرجاتهم رحمة من اللّه و مغفرة و رزق كريم.
و الحق أنّنا- نحن المسلمين- الذين ندّعي الإسلام و قد نرى أنفسنا أولي فضل
على الإسلام و القرآن، نتهم القرآن و الإسلام جهلا بأنّهما سبب التأخر و الانحطاط،
و ترى لو أنّنا طبقنا فقط مضامين هذه الآيات محل البحث على أنفسنا و التي تمثل
صفات المؤمنين بحق، و لم نتكل على هذا و ذاك، و أن نطوي كل يوم مرحلة جديدة من
الإيمان و المعرفة، و أن نحس دائما بالمسؤولية لتقوية علاقتنا باللّه و بعباده
فننفق ما رزقنا اللّه في سبيل تقدم المجتمع، أ نكون بمثل ما نحن عليه اليوم؟! و
ينبغي ذكر هذا الموضوع أيضا، و هو أنّ الإيمان ذو مراحل و درجات، فقد يكون ضعيفا
في بعض مراحله حتى أنّه لا يبدو منه أي شيء عملي مؤثر، أو يكون ملوّثا بكثير من
السيّئات. إلّا أنّ الإيمان المتين الراسخ من المحال أن يكون غير بناء أو غير مؤثر
و ما يراه البعض من أن العمل ليس جزءا من الإيمان، فلاقتصارهم على أدنى مراحل
الإيمان.