responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 36

و نظرا إلى أنّ منشأ جميع أنواع الشقاء في نظر القرآن هو الشرك، و رأس مال جميع السعادات هو التوحيد، يتّضح لماذا يكون هؤلاء الضالون المضلون أظلم الناس. إنّ هؤلاء ظلموا أنفسهم كما ظلموا المجتمع الذي يقيمون فيه، إنّهم يغرسون النفاق و التفرقة في كل مكان، و يشكّلون سدّا و مانعا كبيرا في طريق وحدة الصفوف و التقدم و الإصلاحات الواقعية [1].

ثمّ إنّه تعالى يصف وضعهم عند الموت فيقول: أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ‌. أي أنّ هؤلاء سيأخذون ما هو نصيبهم و ما هو مقدر مكتوب لهم من النعم المختلفة، حتى إذا استوفوا حظهم من العمر، و انتهوا إلى آجالهم النهائية، حينئذ تأتيهم ملائكتنا الموكلون بقبض أرواحهم.

و المراد من «الكتاب» هي المقدرات من النعم المختلفة التي قدرها اللّه تعالى لعباده في هذا العالم، و إن احتمل بعض المفسّرين أن يكون المراد من الكتاب هو العذاب الإلهي، أو ما هو أعمّ من المعنيين.

و لكن بالنظر إلى كلمة (حتى) التي تشير عادة إلى انتهاء الشي‌ء، يتّضح أنّ المراد هو فقط نعم الدنيا المتنوعة المختلفة التي لكل أحد فيها حظ و نصيب، سواء المؤمن أو الكافر، الصالح و الطالح، و التي تؤخذ عند الموت، لا العقوبات الإلهية التي لا تنتهي بحلول الموت، و التعبير بالكتاب عن هذه النعم و المقدرات إنّما هو لأجل شبهها بالأمور التي تخضع للتقسيم و الأسهم و تكتب.

و على كل حال، فإنّ عقوباتهم تبدأ منذ لحظة حلول الموت، ففي البداية يواجهون التوبيخ و عتاب الملائكة المكلّفين بقبض أرواحهم، فيسألونهم: أين معبوداتكم الّتي اتخذتموها من دون اللّه و التي طالما تحدثتم عنها، و كنتم‌


[1] لمزيد من التوضيح راجع تفسير الآية (21) من سورة الأنعام.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست