و على هذا الأساس فإنّ الغنائم داخلة في مفهوم الأنفال العام، و هي في الأصل
ملك الحكومة الإسلامية، و إعطاء أربعة أخماسها للمقاتلين عطية و تفضل منها.
2- قد يتصور أنّ الآية محل البحث «بناء على شمولها غنائم الحرب أيضا» تتنافى و
الآية 41 من هذه السورة التي تقول: وَ
اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ
لِلرَّسُولِ و سائر المصارف. لأنّ مفهومها أنّ أربعة
الأخماس الباقية هي للمقاتلين المسلمين.
إلّا أنّه مع ملاحظة ما ذكرناه آنفا يتّضح أنّ غنائم الحرب في الأصل كلها للّه
و للرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إعطاء أربعة أخماسها للمقاتلين نوع من
التفضل و الهديّة، و بتعبير آخر: إنّ الحكومة الإسلامية تهب أربعة الأخماس من حقها
إلى المجاهدين، فلا يبقى عندئذ أي تناف بين الآيتين.
و يتّضح أيضا أن آية الخمس لا تنسخ أية الأنفال،- كما تصوّر ذلك بعض
المفسّرين- بل كلّ منهما باق على قوّته! 3- كما قرأنا في شأن النّزول آنفا، أنّ
مشاجرة وقعت بين بعض الأنصار في شأن غنائم الحرب، و قطعا لهذه المشاجرة فقد نفت
الآية أن تكون الغنائم لغير اللّه و الرّسول ثمّ أمرت المسلمين بإصلاح ذات البين.
و أساسا فإنّ إصلاح ذات البين و إيجاد التفاهم و قلع الكدر و البغضاء من صدور
المسلمين، و تبديل كل ذلك بالمحبّة، يعدّ من أهم الأغراض الإسلامية.
و كلمة «ذات» تعني الخلقة و البنية و أساس الشيء، و البين يعني حالة الارتباط
و العلاقة بين شخصين أو شيئين. فبناء على هذا فإنّ إصلاح ذات البين يعني إصلاح
أساس الارتباطات، و تقوية العلاقات و تحكيمها، و إزالة عوامل التفرقة و النفاق.