كما نقل الزّهري سببا آخر لنزول الآية، و هو أنّه لما كان النّبي يقرأ القرآن،
كان شاب من الأنصار يقرأ معه القرآن بصورت مرتفع، فالآية نزلت و نهت عن ذلك.
و أيّا كان شأن نزول هذه الآية، فهي تقول: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ
أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ و الفعل
«انصتوا» مأخوذ من مادة «الإنصات» و معناه: السكوت المشفوع بالإصغاء و الاستماع.
و قد اختلف المفسّرون في أن الإنصات و السكوت هنا في الآية، هل هو عند قراءة
القرآن في جميع الموارد؟ أم هو منحصر وقت الصلاة و عند قراءة إمام الجماعة؟ أم هو
عند ما يقرأ إمام الجمعة- في خطبة الصلاة- القرآن؟
كما أنّ هناك أحاديث شتى في هذا الصدد في كتب الفريقين في تفسير هذه الآية. و
الذي يستفاد من ظاهر الآية أن هذا الحكم عام غير مختص بحال ما و لا وقت معيّن.
إلّا أنّ الرّوايات المتعددة الواردة عن الأئمّة الطاهرين، بالإضافة إلى إجماع
العلماء و اتفاقهم على عدم وجوب الاستماع عند قراءة القرآن في أية حال، يستدل من
ذلك على أن هذا الحكم بصورة كليّة حكم استحبابي، أي ينبغي إن قرئ القرآن- حيثما
كان، و كيف كان- أن يستمع الآخرون و ينصتوا احتراما للقرآن، لأنّ القرآن ليس كتاب
قراءة فحسب، بل هو كتاب فهم و إدراك، ثمّ هو كتاب عمل أيضا.
و هذا الحكم المستحب ورد عليه التأكيد إلى درجة أنّ بعض الرّوايات عبّرت عنه
بالوجوب.
إذ
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: «يجب الإنصات للقرآن في الصّلاة و في