ذهب إلى ذلك بعض المفسّرين، في حين أنّ «الخلف» على وزن «شرف» يأتي بمعنى
الولد الصالح [1].
ثمّ يضيف قائلا: و عند ما وقعوا بين مفترق طريقين: بين ضغط الوجدان من جهة، و
الرغبات و المنافع المادية من جهة أخرى عمدوا إلى الأماني و الآمال الكاذبة و
قالوا: لنأخذ المنافع الدنيوية فعلا سواء من حلال أو حرام، و اللّه سيرحمنا و يغفر
لنا وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا.
إنّ هذه الجملة تكشف عن أنّهم كانوا بعد القيام بمثل هذا العمل يتخذون حالة من
الندم العابر و التوبة الظاهرية، و لكن هذه الندامة- كما يقول القرآن الكريم- لم
تكن لها أية جذور في أعماق نفوسهم، و لهذا يقول تعالى: وَ إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ.
و «عرض» على وزن «غرض» يعني الشيء الذي لاثبات له و لا دوام، و من هذا المنطق
يطلق على متاع العالم المادي اسم العرض، لكونه زائلا غير ثابت في الغالب، فهو يقصد
الإنسان يوما و يقبل عليه بوفرة بحيث يضيع الإنسان حسابه و لا يعود قادرا على عده
و إحصائه و يبتعد عنه و جمعه و حصره، يوما آخر بالكلية بحيث لا يملك منه إلّا
الحسرة و التذكر المؤلم، هذا مضافا إلى أن جميع نعم هذه الدنيا هي أساسا غير
دائمة، و غير ثابته [2].
و على كل حال، فإنّ هذه الجملة إشارة إلى عمليات الارتشاء التي كان يقوم بها
بعض اليهود لتحريف الآيات السماوية، و نسيان أحكام اللّه لمضادتها لمصالحهم و
منافعهم المادية.
و لهذا قال تعالى في عقيب ذلك:
[1] مجمع البيان، و تفسير ابن الفتوح
الرازي، في ذيل الآية الحاضرة.
[2] يجب الانتباه، إلى أن «عرض» على
وزن «غرض» يختلف عن «عرض» على وزن (فرض) فالأول بمعنى كل رأس مال دنيوي، و الثاني
بمعنى المال النقدي.