لهذا يقول تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ.
ثمّ يبيّن ست صفات لهذا الرّسول مضافا إلى مقام الرسالة:
1- أنّه نبيّ اللّه النَّبِيَ.
و النّبي يطلق على كل من يبيّن رسالة اللّه إلى الناس، و يوحى إليه و إن لم
يكن مكلّفا بالدعوة و التبليغ، و لكن الرّسول مضافا إلى كونه نبيّا- مكلّف بالدعوة
إلى دين اللّه، و تبليغه و الاستقامة في هذا السبيل.
و على هذا يكون مقام الرسالة أعلى من مقام النّبوة، و بناء على هذا يكون معنى
النّبوة مأخوذا في مفهوم الرسالة أيضا، و لكن حيث أنّ الآية بصدد توضيح و تفصيل
خصوصيات النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لهذا ذكرهما على نحو الاستقلال، و في
الحقيقة إنّ ما أخذ في مفهوم الرّسول مجملا، ذكر في الآية بصورة مستقلة من باب
توضيح و تحليل صفاته.
2- أنّه نبيّ أمّي لم يتعلم القراءة و الكتابة، و قد نهض من بين جماهير الناس
من أرض مكّة أم القرى قاعدة التوحيد الأصلية: (الأمي).
و حول مفهوم «الأميّ» المشتقة من مادة «أمّ» بمعنى الوالدة، أو من «الأمّة»
بمعنى الجماعة، دار كلام كثير بين المفسّرين، فبعض فسّره بأنّه لم يتعلم و لم
يدرس، يعني أنّه باق على الحالة التي ولد بها من أمّه أوّل يوم، و لم يتتلمذ على
أحد، و بعض فسّره بمن نهض من بين جماهير الأمّة، لا من بين طبقة الأعيان و
المترفين و الجبارين، و فسّرته جماعة ثالثة بأنّه ظهر من مكّة «أمّ القرى» لأنّ
هذه الكلمة مرادفة ل «المكي».
و الأحاديث الإسلامية الواردة في مصادر مختلفة هي أيضا تفسّر هذه الكلمة تارة
بأنّه: لم يدرس و أخرى: بأنّه مكّي [1].
[1] للاطلاع على هذه الرّوايات راجع
تفسير نور الثقلين، المجلد الثّاني، الصفحة 78 و 79، و تفسير روح المعاني، المجلد
التّاسع، الصفحة 70، في تفسير الآية الحاضرة.