و تتّضح من هذا أيضا علة تفضيل مقام علي عليه السلام على مقام موسى عليه
السلام في بعض الرّوايات [1]، و هي أن عليا عليه السلام كان عارفا بجميع القرآن، الذي
فيه تبيان كل شيء نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ في حين أنّ التوراة لم يرد فيها إلّا بعض
المسائل.
4- هل في الألواح تعاليم حسنة و أخرى غير حسنة؟
إنّ ما نقرؤه في الآية وَ أْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها لا يعني أنّه
كانت في ألواح موسى تعاليم «حسنة» و أخرى «سيئة» و أنّهم كانوا مكلّفين بأن يأخذوا
بالحسنة و يتركوا السيئة، أو كان فيها الحسن و الأحسن، و كانوا مكلّفين بالأخذ
بالأحسن فقط، بل ربّما تأتي كلمة «أفعل التفضيل» بمعنى الصفة المشبهة، و الآية
المبحوثة من هذا القبيل ظاهرا، يعني أن «الأحسن» هنا بمعنى «الحسن» و هذا إشارة
إلى أن جميع تلك التعاليم كانت حسنة و جيدة.
ثمّ إنّ هناك احتمالا آخر في الآية الحاضرة- أيضا- و هو أن الأحسن بمعنى أفعل
التفضيل، و هو إشارة إلى أنّه كان بين تلك التعاليم أمور مباحة (مثل القصاص) و
أمور أخرى و صفت بأنّها أحسن منها (مثل العفو) يعني: قل لقومك و من اتبعك ليختاروا
ما هو أحسن ما استطاعوا، و للمثال يرجحوا العفو على القصاص (إلّا في موارد خاصّة) [2].
5- في مجال قوله: سَأُرِيكُمْ دارَ
الْفاسِقِينَ الظاهر أن المقصود منها هو جهنم، و هي مستقرّ
كل أولئك الذين يخرجون من طاعة اللّه، و لا يقومون
[1] للوقوف على هذه الرّوايات يراجع
تفسير نور الثقلين، المجلد الثّاني، الصفحة 68.
[2] و يحتمل أيضا أن الضمير في
«أحسنها» يرجع إلى «القوة» أو «الأخذ بقوة» و هو إشارة إلى أن عليهم أن يأخذوا بها
بأفضل أنواع الجدية و القوة و الحرص.