الإنسانية و
الملكات الأخلاقية، و صدق النية و طهارتها و إخلاصها.
و إذا رأينا
أنّ بعض الرّوايات الإسلامية تشير- فقط- إلى اللباس الجيّد أو مشط الشعر، أو إذا
رأينا أنّ بعضها الآخر يتحدث- فقط- عن مراسيم صلاة العيد و صلاة الجمعة، فإنّ ذلك
لا يدل على الانحصار، بل الهدف هو بيان مصاديقها الواضحة [1]
و هكذا إذا رأينا أنّ طائفة أخرى من الرّوايات تفسر الزينة بالقادة الصالحين
[2]، فإنّ كل ذلك يدل على سعة مفهوم الآية الذي يشمل جميع أنواع الزينة
الظاهرية و الباطنية.
و هذا الحكم
و إن كان يتعلق بجميع أبناء آدم في كل زمان و مكان، إلّا أنّه ينطوي ضمنا على ذم
عمل قبيح كان يقوم به جماعة من الأعراب في العهد الجاهلي عند دخولهم في المسجد
الحرام و الطواف بالكعبة المعظمة، حيث كانوا يطوفون بالبيت المعظم عراة من دون
ساتر يستر عوراتهم، كما أنّه يتضمن- أيضا- نصيحة لأولئك الذين يرتدون عند إقامة
الصلاة أو الدخول إلى المساجد ثيابا وسخة خلقة أو ألبسة تخصّ المنزل، و يشتركون في
مراسيم عبادة و هم على تلك الهيئة المزرية، الأمر الذي نشاهده اليوم- و للأسف- بين
بعض الغفلة السذج من المسلمين، في حين أننا مكلّفون- طبقا للآية الحاضرة، و
الرّوايات الواردة في هذا الصعيد- بأن نرتدي لدى ارتيادنا للمساجد أفضل ثيابنا و
ألبستنا.
ثمّ في
العبارة اللاحقة يشير سبحانه إلى مواهب أخرى، يعني الأطعمة و الأشربة الطاهرة
الطيبة، و يقول: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا.
و لكن حيث
أنّ الإنسان حريص بحكم طبيعته البشرية، يمكن أن يسيء
[1] للاطلاع على هذه الرّوايات راجع تفسير
البرهان المجلد 2، الصفحة الثّانية 9 و 10 و تفسير نور الثقلين المجلد الثّاني
الصفحة 18 و 19.