تحطيم قوة بنى إسرائيل تحطيما كاملا، و ذلك بالقضاء على المقاتلين و رجال
الحرب بقتل أبناء بني إسرائيل و استئصالهم، و يستبقي نساءهم و بناتهم لاسترقاقهن و
استخدامهن، و هذا هو نهج كل مستعمر قديم و جديد، فهو يقضي على الرجال العالمين و
القوى المؤثرة في المواجهة، أو يقتل فيهم روح الرجولة و الشهامة و الغيرة و الحمية
بالوسائل المختلفة، و يستبقي غير المؤثرين في هذا المجال.
على أنّه يحتمل- أيضا- أن فرعون كان يريد أن يبلغ هذا الكلام إلى مسامع بني
إسرائيل، فتتحطم معنوياتهم من جهتين: أوّلاهما من جهة قتل أبنائهم و رجال
مستقبلهم، و الأخرى: من جهة وقوع نسائهم و أعراضهم في أيدي العدو.
و على كل حال أراد بعبارة إِنَّا
فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ أن يزيل الخوف و القلق من
قلوب حاشيته و أعوانه، و يخبرهم بأنّه مسيطر على الأوضاع سيطرة كاملة.
سؤال:
و هنا يطرح سؤال، و هو: لماذا لم يقرر فرعون قتل موسى، و إنّما قرر- فقط-
القضاء على أبناء بني إسرائيل؟
جواب:
يستفاد من آيات سورة المؤمن- جيدا- أنّ فرعون كان عازما في البداية على قتل
موسى، و لكن نصائح مؤمن آل فرعون المقترنة بالتهديد، في أنّ قتل موسى يمكن أن
يقترن بالخطر فيحتمل أن يكون مرسلا من اللّه حقيقة و واقعا، و أن كل ما يقوله من
العقوبات الإلهية يتحقق بمقتله، أثرت في روح فرعون و فكره.
هذا مضافا إلى أنّ خبر انتصار موسى على السحرة انتشر في كل مكان،