أنحاء البلاد قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ
فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ.
نعم ابعث من يجمع لك كل ساحر ماهر في حرفته عليم في سحره يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ.
فهل هذا الاقتراح من جانب حاشية فرعون كان لأجل أنّهم كانوا يحتملون صدق ادعاء
موسى للنّبوة، و كانوا يريدون اختباره؟
أو أنّهم على العكس كانوا يعتبرونه كاذبا في دعواه، و يريدون افتعال ذريعة
سياسية لأي موقف سيتخذونه ضد موسى كما كانوا يفعلون ذلك في بقية مواقفهم و
نشاطاتهم الشخصية؟ و لهذا اقترحوا ارجاء أمر قتل موسى و أخيه نظرا لمعجزتيه اللتين
أورثتا رغبة في مجموعة كبيرة من الناس في دعوته و انحيازهم إليه، و مزجت صورة
«نبوته» بصورة «المظلومية و الشهادة» و أضفت بضم الثّانية إلى الأولى- مسحة من
القداسة و الجاذبية عليه و على دعوته.
و لهذا فكروا في بداية الأمر في إجهاض عمله بأعمال خارقة للعادة مماثلة، و
يسقطوا اعتباره بهذه الطريقة، ثمّ يأمرون بقتله لتنسى قصة موسى و هارون و تمحى عن
الأذهان إلى الأبد.
يبدو أن الاحتمال الثّاني بالنظر إلى القرائن الموجودة في الآيات- أقرب إلى
النظر.