responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 122

و ذلك لأنّ الناس ما داموا في الرخاء و الرفاه فهم في غفلة و لما يكون لديهم استعداد و قابلية لقبول الحق. أمّا عند ما يتورّطون في المحنة و البلاء، يشرق نور فطرتهم و توحيدهم و يتذكرون اللّه قهرا بلا اختيار، و تستعد قلوبهم لقبول الحق.

و لكن هذه اليقظة و النهضة ليست عند الجميع على حدّ سواء، فهي في كثير من الناس سريعة و عابرة و غير ثابتة، و بمجرّد أن تزول المشكلات يعودون إلى غفلتهم و غفوتهم، و لكن هذه المشكلات تعتبر بالنسبة إلى جماعة آخرين نقطة تحول في الحياة، و يعودون إلى الحق إلى الأبد.

و الأقوام الذين جرى الحديث- في الآيات السابقة- حولهم كانوا من النمط الأوّل.

و لهذا قال تعالى في الآية اللاحقة: عند ما لم تغيّر تلك الجماعات سلوكها و مسيرها تحت ضغط المشكلات و الحوادث، بل بقوا في الضلال، رفعنا عنهم المشكلات و جعلنا مكانها النعم و الرخاء فازدهرت حياتهم و كثر عددهم و زادت أموالهم‌ ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا.

و «عفوا» من مادة «عفو» التي تكون أحيانا بمعنى الكثرة، و أحيانا بمعنى الترك و الإعراض، و تارة تكون بمعنى محو آثار الشي‌ء. و لكن لا يبعد أن يكون أصل جميع تلك الأمور هو الترك، غاية ما هنالك قد يترك شي‌ء لحاله حتى يتجذر، و يتوالد و يتناسل و يزداد، و ربّما يترك حتى يهلك و ينهدم تدريجا و شيئا فشيئا. و لهذا جاء بمعنى الزيادة و الهلاك معا.

و قد احتمل المفسّرون في الآية المبحوثة ثلاثة احتمالات أيضا:

الأوّل: أنّنا أعطيناهم إمكانيات حتى يزدادوا فيستعيدوا كل ما فقدوه- في فترة الشدّة و الضراء- من الأفراد و الأموال.

الآخر: أنّنا أعطيناهم نعما كثيرة جدا بحيث غرتهم، فنسوا اللّه، و تركوا شكره.

الثّالث: أنّنا أعطيناهم نعما كي يستطيعوا بها أن يزيلوا أثار فترة النكبة

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست