responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 20  صفحة : 96

بوجههم، و لكنّ العزيز الجبار أهلكهم بالماء و الهواء، مع ما لهاتين المادتين من لطافة و ليونة، و ما يمثلانه باعتبارهما من الوسائل المهمّة المستلزمة لأساسيات حياة الإنسان، فقد أغرقت أمواج و تيارات نهر النيل ذلك الطاغي (فرعون) و جنوده، فيما سلّط اللّه الهواء القارص بأعاصير مدمرة اجتاحت قوم ثمود حتى قطعت دابرهم، فأهلكوا جميعهم.

القرآن الكريم يذكّر مشركي مكّة بذلك النموذجين ليعرفوا أنفسهم أمام اللّه تعالى، فإنّ كان اللّه قد أهلك تلك الجيوش العظيمة و بما تملك من عناصر القوّة بماء و هواء، فهل سيبقى لزمام أمورهم من شي‌ء، و هم أضعف من أولئك! علما بأنّ البشر أمام اللّه بكلّ ما يحملون من قوّة فهم سواء، فلا فرق بين ضعيف و قوي ..

فأين الخالق من المخلوق! و إنّما اختير قوم «فرعون» و «ثمود» دون بقية الأقوام السالفة كنموذجين للعصاة و الضالين، باعتبارهما كانا يمتلكان قدرة و قوّة مميزة على بقية الأقوام، و أهل مكّة على معرفة بتاريخهما إجمالا.

و تقول الآية التالية: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ‌.

فآيات و دلائل الحق ليست بخافية على أحد، و لكن العناد و اللجاجة هما اللذان يحجبان عن رؤية طريق الحق و الإيمان.

و كأن «بل» تشير إلى أنّ عناد و تكذيب أهل مكّة أشدّ و أكثر من قوم فرعون و ثمود و هم مشغولون دائما بتكذيب الحق و إنكاره و يستخدمون كلّ وسيلة في هذا الطريق، (بلحاظ أن «بل» تستعمل عادة للاضراب: أي للعدول من شي‌ء إلى شي‌ء آخر).

و عليهم أن يعلموا بقدرة اللّه: وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ.

فلا يدل الإمهال على الضعف أو العجز، و لا يعني عدم تعجيل إنزال العقوبة الإلهية بأنّهم قد خرجوا عن قدرته جلّ شأنه.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 20  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست