ثمّ يعرض لنا القرآن الكريم خمسة أوصاف للباري جلّ شأنه: وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ الذي يغفر للتائبين و يحب المؤمنين.
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ صاحب الحكومة المقتدرة على عالم الوجود و ذو المجد و العظيمة.
فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ.
«الغفور» و «الودود»: كلاهما صيغة
مبالغة، و يشيران إلى منتهى الغفران و الود الإلهي، «الغفور» لعبادة المذنبين، و
«الودود» المحب لعباده الصالحين.
فذكر هذه الأوصاف بعد ما تضمّنته الآيات السابقة من تهديد و وعيد، يبيّن أنّ
طريق العودة إلى اللّه سالك و أنّ باب التوبة مفتوح لكلّ من ولغ في الذنوب،
فالباري جلّت عظمته في الوقت الذي هو شديد العقاب فهو الغفور الرحيم أيضا.
و على هذا الضوء ف «الودود» جاء بصيغة اسم الفاعل، و ليس كما قيل من أنّه اسم
مفعول، ليكون المعنى: بأنّ اللّه له محبّون كثيرون، فهذا المعنى لا ينسجم مع الصفة
السابقة «الغفور» و لا يتناسب مع سياق الكلام.
و صفة: «ذو العرش» كناية عن قدرته و حاكميته و مالكيته سبحانه و تعالى، و
يتبيّن بهذا الوصف أنّ حكم عالم الوجود بيده جلّ و علا، فما شاء كان، و قوله
تعالى: فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ من لوازم هذه الحاكمية المطلقة.
ف «ذو العرش» تشير إلى قدرته تعالى على: المعاد، إحياء الموتى و معاقبة
الجبابرة و المجرمين و الذين يفتنون المؤمنين و المؤمنات.
«المجيد»: من (المجد)، و هو السعة في
الكرم و الجلال، و هي من الصفات المختصة باللّه سبحانه، و قلّما تستعمل لغيره. [1] و بنظرة بسيطة
إلى هذه الصفات المذكورة سيتراءى أمامنا ذلك الانسجام
[1]- جاءت كلمة «المجيد» في الآية
مرفوعة (طبق القراءة المشهورة)، تكون صفة للّه تعالى و ليس صفة للعرش، و إلّا
لكانت مجرورة.