فقال قيصر: إن أرضكم بعيدة، و لكنّي سأكتب كتابا إلى ملك الحبشة النصراني و
أطلب منه مساعدتكم.
ثمّ كتب رسالته إلى ملك الحبشة، و طلب منه الانتقام لدماء المسيحيين التي
أريقت في نجران، فلمّا قرأ الرسالة تأثّر جدّا، و عقد العزم على الانتقام لدماء
شهداء نجران.
فأرسل كتائبه إلى اليمن و التقت بجيش (ذو نواس)، فهزمته بعد معركة طاحنة، و
أصبحت اليمن ولاية من ولايات الحبشة. [1] و ذكر بعض المفسّرين: إنّ طول ذلك الخندق كان أربعين
ذراعا، و عرضه اثني عشر ذراع، (و كلّ ذراع يقرب من نصف متر، و أحيانا يقصد به ما
يقرب من متر كامل).
و قيل: إنّها كانت سبعة أخاديد، و كلّ منها بالحجم الذي ذكرناه. [2] و ذكرت القصّة
في كتب تاريخية و تفسيرية كثيرة، بتفاصيل متفاوتة، منها: ما ذكره المفسّر الكبير
الطبرسي في (مجمع البيان)، و أبو الفتوح الرازي في تفسيره، و الفخر الرازي في
(تفسيره الكبير)، و الآلوسي في (روح البيان)، و القرطبي في تفسيره، و كذلك ابن
هشام في الجزء الأوّل من كتاب (السيرة) ص 35 .. و غيرهم كذلك.
و قد تبيّن ممّا ذكرناه بأن العذاب الإلهي قد أصاب أولئك الذين قاموا بتعذيب
المؤمنين، و انتقم منهم في دنياهم جراء ما هدروا من دماء زكية بريئة، و أنّ عذاب
نار الآخرة لفي انتظارهم.
و أوّل من أوجد المحارق البشرية في التاريخ هم اليهود، و سرت هذه