و أفضل ما ينبغي للإنسان أن يفتخر به (الإيمان باللّه) على أنّه جرم كبير و
ذنب لا يغتفر! ...
و ينقل لنا القرآن في الآية (59) من سورة المائدة شبيه هذه الحادثة، حينما قال
السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السّلام لفرعون عند ما توعدهم بالعقاب المؤلم،
فقالوا له: وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ
آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا.
و ذكر «العزيز الحميد» جواب لما اقترفوا من جريمة بشعة، و احتجاج على أولئك
الكفرة، إذ كيف يكون الإيمان باللّه جرم و ذنب؟! و هو أيضا، تهديد لهم، بأن يأخذهم
اللّه العزيز الحميد جراء ما فعلوا، أخذ عزيز مقتدر.
فالصفات الأربعة المذكورة، تمثل رمز معبوديته جلّ و علا، فالعزيز و الحميد ..
ذو الكمال المطلق، و مالك السماوات و الأرض و الشهيد على كلّ شيء .. أحقّ أن
يعبد وحده دون غيره، لا شريك له.
إضافة إلى كونها بشارة للمؤمنين، بحضور اللّه سبحانه و تعالى و رؤيته لصبرهم و
ثباتهم على الإيمان، فيدفع فيهم الحيوية و النشاط و القوّة.
و من جهة اخرى تهديد للكفار، و إفهامهم بأن عدم منع ارتكاب مثل هذه الجرائم
الخبيثة، ليس لعجز أو ضعف منه جلّ شأنه، و إنّما ترك العباد يفعلون ما يرونه هم،
امتحانا لهم، و سيريهم في عاقبة أمرهم جزاء ما فعلوا، و ما للظالمين إلّا العذاب
المهين.