هذه السّورة نزلت في المدينة بعد الهجرة، و فيها بشرى النصر العظيم و دخول
النّاس في دين اللّه أفواجا، و تدعو النّبي أن يسبح اللّه و يحمده و يستغفره شكرا
على هذه النعمة.
في الإسلام فتوحات كثيرة، و لكن فتحا بالمواصفات المذكورة في السّورة ما كان
سوى «فتح مكّة»، خاصّة و أن العرب- كما جاء في الرّوايات- كانت تعتقد أن نبيّ
الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يستطيع أن يفتح مكّة إلّا إذا كان على حق
... و لو لم يكن على حقّ فربّ البيت يمنعه كما منع جيش أبرهة، و لذلك دخل العرب في
دين اللّه بعد فتح مكّة أفواجا.
قيل: إنّ هذه السّورة نزلت بعد «صلح الحديبية» في السنة السادسة للهجرة، و قبل
عامين من فتح مكّة.
و ما احتمله بعضهم من نزول هذه السّورة بعد فتح مكّة في السنة العاشرة للهجرة
في حجّة الوداع فبعيد جدّا، لأنّ عبارات السّورة لا تنسجم و هذا المعنى، فهي تخبر
عن حادثة ترتبط بالمستقبل لا بالماضي.
و من أسماء هذه السّورة «التوديع» لأنّها تتضمّن خبر وفاة النّبي صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم.
و
في الرّواية أنّ هذه السّورة لما نزلت قرأها رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أصحابه ففرحوا و استبشروا، و سمعها العباس فبكى،
فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ما يبكيك يا عم؟»