تعلم معنى هذه الآية الكريمة من بائع ثلج كان يصيح و يقول: ارحموا من يذوب رأس
ماله، ارحموا من يذوب رأس ماله [1] على أي حال، الدنيا في المنظور الإسلامي سوق تجارة. كما
يقول الإمام علي بن محمّد الهادي عليه السّلام: «الدنيا سوق ربح فيها قوم و خسر آخرون» [2]
الآية الكريمة التي نحن بصددها تقول: كلّ النّاس في هذه السوق الكبرى خاسرون
إلّا مجموعة تسير على المنهج الذي تبيّنه الآية التالية.
نعم، هناك طريق واحد لا غير لتفادي هذا الخسران العظيم القهري الإجباري، و هو
الذي تبيّنه آخر آيات هذه السّورة.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ
تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ بعبارة اخرى: ما يستطيع أن يحول دون هذا الخسران الكبير، و أن يبدله إلى
منفعة كبيرة و ربح عظيم هو أنّه مقابل فقدان رأس المال، يحصل على رأس مال أغلى و
أثمن، يستطيع أن يسدّ مسدّ رأس المال المفقود، بل أن يكون أفضل و أكثر منه عشرات،
بل مئات، بل آلاف المرات.
كلّ نفس من أنفاس الإنسان يقربه خطوة نحو الموت،
أمير المؤمنين علي عليه السّلام يقول: «نفس
المرء خطاء إلى أجله» [3].
و هكذا كلّ ضربة من ضربات القلب تقرب الإنسان من الموت من هنا لا بدّ من
المبادرة إلى ملء الفراغ الذي يولده هذا الخسران الحتمي.
هناك من ينفق رأس مال عمره و حياته مقابل الحصول على مال قليل أو كثير، على
بيت صغير أو فخم.
هناك من ينفق كل رأس المال هذا من أجل الوصول إلى منصب أو مقام.