كما إنّ جهل الإنسان بضعفه و مسكنته ... ببدايته و نهايته ... من العوامل
الاخرى الباعثة على الكبر و الغرور و التفاخر. و لهذا فإنّ القرآن الكريم بهدف كسر
روح التفاخر و التكاثر في الأفراد، يقصّ علينا في مواضع كثيرة مصير الأقوام
السالفة، و كيف إنّها كانت تمتلك كلّ وسائل القوّة و المنعة، لكنّها أبيدت بوسائل
بسيطة ... بالريح ... بالصاعقة ... بالزلزال ... بالسيل ... بعبارة اخرى بالماء و
الهواء و التراب .. و أحيانا بالسجّيل و بطير أبابيل!! فلم- و الحال هذه- كلّ هذا
التفاخر و الغرور؟! ثمّ عامل آخر لهذه الظاهرة هو الإحساس بالضعف و عقدة الحقارة
الناتجة عن الفشل. و الأفراد الفاشلون من أجل أن يغطوا على فشلهم يلجأون إلى الفخر
و المباهات و لذلك
ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام قال: «ما من رجل تكبر أو تجبّر إلّا لذلة وجدها في نفسه» [1].
و
عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليه السّلام قال: «ثلاثة من عمل الجاهلية: الفخر بالأنساب، و الطعن بالأحساب و الاستسقاء
بالأنواء (طلب الماء بواسطة النجوم)» [2].
و
عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام قال: «أهلك النّاس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر» [3].
و الحق أنّ أهم عوامل الحرص و البخل و الخلود إلى الدنيا و المنافسات المخربة،
و كثير من المفاسد الاجتماعية هو هذا الخوف الوهمي من الفقر و التفاخر و التعالي
بين الأفراد و الأمم و القبائل.
و لذا
ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ما أخشى عليكم الفقر و لكن أخشى
[1]- اصول الكافي، ج 2، ص 236: باب
الكبر، الحديث 17.