لا بدّ أن تشهد عليه الأعمال الصالحة. لكن الكفر وحده- و إن لم يقترن بالأعمال
السيئة- مبعث السقوط و الشقاء. أضف إلى أن الكفر عادة منطلق لانواع الذنوب و
الجرائم و الانحرافات.
عبارة أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ تبيّن بجلاء أن الإنسان المؤمن ذا الأعمال الصالحة أفضل من
الملائكة، فعبارة الآية مطلقة و ليس فيها استثناء و الآيات الاخرى تشهد على ذلك
أيضا، مثل آية سجود الملائكة لآدم، و مثل قوله سبحانه:
هذه الآية تحدثت عن الجزاء المادي الذي ينتظر المؤمنين، و عن الجزاء المعنوي
الروحي لهم، و هو رضا اللّه عنهم و رضاهم عنه.
إنّهم راضون عن اللّه لأنّ اللّه أعطاهم ما أرادوه، و اللّه راض عنهم لأنّهم
أدّوا ما أراده منهم، و إنّ كانت هناك زلة فقد غفرها بلطفه و كرمه. و أية لذة أعظم
من أن يشعر الإنسان أنّه نال رضا المحبوب و وصاله و لقاءه.
نعم، نعيم جسد الإنسان جنات الخلد، و نعيم روحه رضا اللّه و لقاؤه.
جملة ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ تدل على أن كل هذه البركات تنطلق من «خشية اللّه». لأنّ
هذه الخشية دافع للحركة صوب كلّ طاعة و تقوى و عمل صالح.
بعض المفسّرين قرن هذه الآية، بالآية (28) من سورة فاطر حيث يقول سبحانه: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و خرج بنتيجة هي أنّ الجنّة للعلماء طبعا لا بدّ أن نأخذ
بنظر الإعتبار وجود مراتب و مراحل للخشية و هكذا مراتب للعلم.
قيل أيضا أن «الخشية» أسمى من «الخوف»، لأنّها خوف مقرون بالتعظيم و الاحترام.