و الإنزال له مفهوم واسع يشمل النزول الدفعي أيضا [1]. و هذا التفاوت في التعبير القرآني قد يكون
إشارة إلى النزولين المذكورين.
في الآيتين التاليتين يبيّن اللّه تعالى عظمة ليلة القدر و يقول سبحانه:
وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ.
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
و التعبير هذا يوضح أنّ عظمة ليلة القدر كبيرة إلى درجة خفيت على رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيضا قبل نزول هذه الآيات، مع ما له من علم واسع.
و «ألف شهر» تعني أكثر من ثمانين عاما، حقّا ما أعظم هذه الليلة التي تساوي
قيمتها عمرا طويلا مباركا.
و جاء في بعض التفاسير أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذكر رجلا من
بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل اللّه ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك فأنزل اللّه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما
أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل اللّه ألف شهر [2].
و روي أنّ أربعة أشخاص من بني إسرائيل عبدو اللّه تعالى ثمانين سنة من دون
ذنب، فتمنى الصحابة ذلك التوفيق لهم، فنزلت الآية المذكورة.
و هل العدد (ألف) في الآية للعدّ أو التكثير؟:، قيل إنّه للتكثير، و قيمة ليلة
القدر خير من آلاف الأشهر أيضا، و لكن الرّوايات أعلاه تبيّن أنّ العدد المذكور
للعدّ، و العدد عادة للعد إلّا إذا توفرت قرينة واضحة تصرفه إلى التكثير.