أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى و لو كذّب هذا الطاغية بالحق و تولى و أعرض عنه فما ذا
سيكون مصيره؟
أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى و يثبت كلّ شيء ليوم الجزاء و الحساب.
و التعبير بالقضية الشرطية في الآيتين إشارة إلى أن هذا الطاغي المغرور ينبغي
أن يحتمل- على الأقل- أنّ النّبي على طريق الهداية و دعوته تتجه إلى التقوى ... و
هذا الاحتمال وحده كاف لصده عن الطغيان.
من هنا فمفهوم الآيات ليس فيه ترديد في هداية النّبي و دعوته إلى التقوى، بل
ينطوي على إشارة دقيقة إلى المعنى المذكور.
بعض المفسّرين أرجع الضمير في «كان» و «أمر» إلى الشخص الطاغي الناهي، مثل أبي
جهل، و يكون المعنى عندئذ: أ رأيت إن قبل هذا هداية الإسلام، و أمر بالتقوى بدلا
من نهيه عن الصلاة، فما أنفع ذلك له! لكن التّفسير الأوّل أنسب!
ملاحظة
عالم الوجود محضر اللّه:
حين يؤمن الإنسان بأنّه في كلّ حركاته و سكناته بين يدي اللّه، و أنّ عالم
الوجود محضر اللّه سبحانه و تعالى، لا يخفى عليه شيء من عمل الفرد بل من نواياه،
فإنّ ذلك سيؤثر على منهج هذا الإنسان في الحياة تأثيرا بالغا، و يصدّه عن
الانحراف، إذا كان إيمانه- طبعا- متوغلا في قلبه، و كان اعتقاده قطعي لا تردد فيه.
جاء في الحديث: «اعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك».