و هذا استدلال غريب، فالسورتان كلاهما تتحدثان عمّا مضى من حياة الرّسول، و
كان ذلك حين تجاوز النّبي كثيرا من مشاكل الدعوة، و حين أصبح قلبه الطاهر مفعما
بالأمل و السرور. كلا السّورتين تتحدثان عن الهبات الإلهية و تذكّران بأيّام المحن
و الصعاب كي يكون ذلك تسلية لقلب الرّسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و
تصعيدا للأمل في نفسه.
على أي حال ارتباط محتوى السّورتين ارتباطا وثيقا أمر لا يقبل الشك، و هكذا
الكلام في سورتي الفيل و قريش كما سيأتي إن شاء اللّه.
بشأن مكان نزول السّورة، يتبيّن ممّا سبق أنّها نزلت في مكّة، و لكن آية:
وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ حدث بالبعض إلى الإعتقاد أنّها نزلت في المدينة، حيث ارتفع ذكر النّبي و شاع
صيته في كل مكان، و ليس هذا الدليل بقانع، لأنّ النّبي الأكرم صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم ذاع صيته قبل الهجرة رغم كل العقبات و المشاكل و كان الحديث عن دعوته
على الألسن في جميع المحافل، كما إنّ خبر الدعوة انتشر في الحجاز عامّة و المدينة
خاصّة من خلال الوافدين على مكّة في موسم الحج.
فضيلة السّورة:
ورد في فضيلة هذه السّورة عن النّبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه
قال: «من قرأها أعطي من الأجر كمن لقي محمّدا
مغتما ففرّج عنه» [1].