المعروف أنّ هذه السّورة نزلت بعد سورة «الضحى» و محتواها يؤيد ذلك، لأنّها
تسرد أيضا قسما من الهبات الإلهية لرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
في سورة «الضحى» عرض لثلاث هبات إلهية بعضها مادية و بعضها معنوية، و في هذه
السّورة ذكر لثلاث هبات أيضا غير أنّ جميعها معنوية، و تدور السّورة بشكل عام حول
ثلاثة محاور. الأوّل: بيان النعم الثلاث، و الثّاني: تبشير النّبي بزوال العقبات
أمام دعوته، و الثّالث: الترغيب في عبادة اللّه الواحد الأحد.
و لذلك ورد عن أهل البيت عليم السّلام ما يدلّ أنّ هاتين السّورتين سورة واحدة
كما ذكرنا، و وجب قراءتهما معا في الصلاة لوجوب قراءة سورة كاملة بعد الحمد.
و من أهل السنة من ذهب إلى ذلك أيضا، كما نقل الفخر الرازي عن طاوس و عمر بن
عبد العزيز أنّهما يقرءانها معا في الصلاة و يحذفان البسملة بينهما (حسب فتاوى
فقهاء مذهب أهل البيت قراءة البسملة في كليهما واجبة، و ما نقله المرحوم الطبرسي
بشأن حذف بعض الفقهاء البسملة هنا لا يبدو صحيحا).
و الفخر الرازي بعد نقل آراء القائلين بوحدة السّورتين، يرد عليهم مستدلا
بالفرق الموجود بين السّورتين، ذلك لأن سورة و الضحى- في رأيه- نزلت حين كان
الرّسول متألما و مغتما لما ناله من أذى الكفار، بينما السّورة التالية نزلت في
حالة انشراح الرّسول و ابتهاجه [1].