يجب أن يتفهّم ما يعانيه مجتمعه من فقر ثقافي، كي يعتزّ بكل من يأتيه لطلب
معرفة أو علم، و يستقبله بصدر رحب.
ليس النبيّ الخاتم وحده، بل قد يكون كلّ الأنبياء منطلقين من حياة المعاناة و
الألم، و هكذا كلّ القادة الحقيقيين الناجحين كانوا كذلك ... و يجب أن يكونوا
كذلك.
من كان يرفل في نعومة العيش، و في الثراء و القصور، و كان ينال كلّ ما يريد،
كيف يستطيع أن يدرك آلام المحرومين، و كيف يستطيع أن يتفهم معاناة الفقراء و
البائسين ليهب لمساعدتهم؟!
في حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام: «ما بعث اللّه نبيّا قطّ حتى يسترعيه الغنم يعلّمه بذلك رعية النّاس» [1].
و في رعي الغنم دروس في تحمل الآلام، و في الصبر أمام موجود ضعيف قليل الشعور،
كما إنّه استلهام لدروس التوحيد و العرفان من خلال حياة الصحراء و العيش في أحضان
الطبيعة.
و في رواية أنّ «موسى بن عمران» سأل ربّه عن سبب اختياره لمقام النبوّة، فجاءه
الجواب: أتذكر يوما أنّ حملا قد فرّ من قطيع غنمك فتبعته حتى أخذته ثمّ قلت له:
لماذا أتعبت نفسك، ثمّ حملته على كتفك، و جئت به إلى القطيع، و لذلك اخترتك راعيا
لخلقي، و هذا يعني أنّ اللّه تعالى رأى في موسى قدرة فائقة على التحمّل تجاه هذا
الحيوان ممّا يدلّ على قوّة روحية فائقة أهلته لهذه المنزلة الكبيرة.