الإيمان، و يكون التكذيب بنبيّ الإسلام، و التولي الإعراض عنه.
كثير من المفسّرين يعالجون هنا مسألة ترتبط بما طرحته الآية من اختصاص جهنم
بالكافرين: لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ...
الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى، و هذا يتنافى
مع آيات اخرى و روايات تتحدث عن شمول عذاب جهنم للمؤمنين المذنبين أيضا.
و الآيتان استدل بهما المرجئة في قولهم: لا تضرّ مع الإيمان معصية!.
و لتوضيح ما يبدو هنا من تعارض يجب الالتفات إلى مسألتين: الاولى- المقصود
بصلي جهنم هنا الخلود فيها، و الخلود مختص بالكافرين، و القرينة على هذا القول تلك
الآيات التي تتحدث عن دخول غير الكافرين أيضا جهنم.
و الاخرى، أنّ الآيتين المذكورتين و ما بعدهما حيث يقول تعالى: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى تريد بمجموعها أن تبيّن فقط حال مجموعتين: عديمة الإيمان البخيلة، و المؤمنة
السخية التقية، و تذكر أنّ مصير الاولى جهنم، و الثّانية الجنّة، و لا تتطرق أساسا
إلى المجموعة الثّالثة و هي المؤمنة المذنبة.
بعبارة اخرى الحصر هنا من النوع الإضافي، أي كأن الجنّة خلقت للمجموعة
الثّانية فقط، و جهنم للمجموعة الاولى فحسب، و بهذا البيان تتّضح الإجابة على
إشكال آخر بشأن التضاد بين الآيتين اللتين نحن بصددهما و ما يلي من آيات تحصر
النجاة بالأتقى.
ثمّ تتحدث السّورة عن مجموعة قد جنّبت النّار و أبعدت عنها، تقول الآية:
وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى.
و من هو هذا الأتقى؟ تقول الآية الكريمة: الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى.
و عبارة «يتزكى» تشير إلى قصد القربة، و خلوص النية، سواء أريد منها معنى
النمو الروحي و المعنوي، أم قصد بها تطهير الأموال، لأنّ التزكية جاءت بمعنى
«التنمية»، و بمعنى «التطهير». قال تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ