فهم يريدون
الاستمرار بالذنوب و الإيغال بالاعتداءات و بكامل اختيارهم، و من دون أيّ رادع
يردعهم من ضمير أو قانون، و هذا الحال شبيه ما أشارت إليه الآية (5) من سورة
القيامة: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ،
و عليه، فهو يكذّب بيوم الدين.
و على هذا
الأساس، فإنّ للممارسات السيئة أثر سلبي على عقيدة الإنسان، مثلما للعقيدة من أثر
على سلوكية و توجيهات الإنسان، و هذا ما سيتوضح أكثر في تفسير الآيات القادمة.
و تشير الآية
التالية للصفة الثّالثة لمنكري المعاد، فتقول: إِذا
تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
فبالاضافة
لكون منكر المعاد معتد و أثيم، فهو من الساخرين و المستهزئين بآيات اللّه، و يصفها
بالخرافات البالية [1]، و ما ذلك إلّا مبرر واه
لتغطية تهربه من مسئولية آيات اللّه عليه.
و لم تختص
الآية المذكورة بذكر المبررات الواهية لأولئك الضالّين المجرمين فرارا من
الاستجابة لنداء الدعوة الربانية، بل ثمّة آيات أخرى تناولت ذلك، منها الآية (5)
من سورة الفرقان: وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ
اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا،
و الآية (17) من سورة الأحقاف، حكاية عن قول شاب طاغ وقف أمام والديه المؤمنين
مستهزءا بنصائحهما قائلا: ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ.
و قيل في شأن
نزول الآية: إنّها نزلت بشأن (النضر بن حارث بن كلدة)، ابن خالة النّبي صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم، و كان من رؤوس الكفر و الضلال.
و لا يمنع
نزول الآية في شخص معين، من تعميم ما جاء فيها لكلّ من يشارك
[1]- «أساطير»: جمع (اسطورة) من (السطر)، و
غالبا ما تستعمل في وصف الشخصيات الموهومة و الأحاديث الملفقة و القصص الكاذبة.