الضمير في «سوّاها» يعود إلى قبيلة ثمود، و قد يعود إلى مدنهم و قراهم التي
سوّاها ربّ العالمين مع الأرض.
و قيل إنّ الضمير يعود إلى مصدر «دمدم» أيّ إنّ اللّه سوّى غضبه و سخطه على القوم
ليشملهم جميعا على حدّ سواء، و التّفسير الأوّل أنسب.
و من الآية نستنتج بوضوح أنّ عقاب هؤلاء القوم كان نتيجة لذنوبهم و كان
متناسبا مع تلك الذنوب، و هذا عين الحكمة و العدالة.
في تاريخ الأمم نرى غالبا بروز حالة الندم فيهم حين يرون آثار العذاب و لجوءهم
إلى التوبة، أمّا قوم ثمود، فالغريب أنّهم حين رأوا علامات العذاب طفقوا يبحثون عن
نبيّهم صالح ليقتلوه [1]. و هذا دليل على ارتكاسهم في العصيان و الطغيان أمام اللّه و رسوله. لكن
اللّه نجّا صالحا و أهلك قومه شرّ إهلاك.
و تختتم السّورة الحديث عن هؤلاء القوم بتحذير قارع لكل الذين يتجهون في نفس
هذه المسيرة المنحرفة فتقول: وَ لا
يَخافُ عُقْباها.
كثيرون من الحكّام قادرون على إنزال العقاب لكنّهم يخشون من تبعات عملهم، و
يخافون ردود الفعل التي قد تحدث نتيجة فعلهم، و لذلك يكفّون عن المعاقبة. قدرتهم-
إذن- محفوفة بالضعف و علمهم ممزوج بالجهل. لا يعلمون مدى قدرتهم على مواجهة
التبعات. بينما اللّه سبحانه قادر متعال، علمه محيط بكلّ الأمور و عواقبها، و
قدرته على مواجهة النتائج لا يشوبها ضعف، فهو سبحانه و تعالى لا يخاف عقباها، و
لذلك فإنّ مشيئته في العقاب نافذة حازمة.
فالطغاة- إذن- عليهم أن يتنبّهوا و يحذروا غضب اللّه و سخطه و نقمته.