و روي في
روايات عديدة، إنّ الأعمال التي لا تليق بالقرب منه جلّ شأنه تسقط في سجّين: كما
نقل الأثر
عن سيد البشر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قوله: «إنّ
الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا فإذا صعد بحسناته يقول اللّه عزّ و جلّ اجعلوها في
سجّين، إنّه ليس إيّاي أراد فيها!» [1]
و من كلّ ما
تقدم، نصل إلى أنّ «سجّين»: مكان شديد جدّا في جهنم، توضع فيه أعمال المسيئين أو
صحيفة أعمالهم، أو يكون مصيرهم الحبس في ذلك المكان (السجّن).
و على ضوء
هذا التّفسير، تكون الآية: كِتابٌ مَرْقُومٌ
تأكيدا للآية: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ،
و ليس تفسيرا لها، لأن العقاب قد قرر لهم، و هو قطعي و حتمي.
«مرقوم»: من (رقم) على وزن (زخم)، و هو الخطّ
الغليظ، و لكون هكذا خطّ من الوضوح بحيث لا إبهام فيه، فقد استعملته الآية للإشارة
إلى قطعية ما قرر لهم من مصير من غير أيّ إبهام أو إغفال.
و على أيّة
حال، فلا مانع من الجمع بين التّفسيرين لأنّ «سجّين» حسب التّفسير الأوّل بمعنى
الديوان الجامع لكلّ أعمال المسيئين، و حسب التّفسير الثّاني بمعنى: «جهنم» أو
قعرها، فالأمران على صورة علّة و معلول، فإذا كانت صحيفة أعمال الإنسان السيئة في
ذلك الديوان الجامع، فإنّ مقام الديوان هو قعر جهنم.
و تأتي الآية
التالية لتقول: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.
التكذيب الذي
يوقع في ألوان من الذنوب، و منها التطفيف و الظلم.
و بملاحظة
كلمة «ويل» الواردة في أوّل أية و آخر آية، تبيّن شدّة العلاقة