و ثالث
الكتب، هو صحيفة أعمال جميع الأبرار و الفجّار، التي وردت الإشارة إليهما في
الآيات المبحوثة و ما سيأتي من الآيات، باسم «سجّين» و «علّيين».
و خلاصة
القول: إنّ «سجّين» عبارة عن ديوان جامع لكافة صحائف الفجّار و الفسقة، و أطلق
عليه هذا الاسم باعتبار أنّ ما فيه يؤدي إلى حبس أصحابه في جهنم، أو أنّ هذا
الديوان موجود في قعر جهنم.
على عكس كتاب
الأبرار فإنّه في أعلى علّيين ... في الجنّة.
الثّانية:
إنّ «سجّين»، هي «جهنم» ... و هي سجن كبير لجميع المذنبين، أو هي محل شديد من
جهنم.
و «كتاب»
الفجّار، أي: ما قرر لهم من عاقبة و مصير.
فيكون
التقدير على ضوء هذا التّفسير: إنّ جهنم هي المصير المقرر للمسيئين، و قد استعمل
القرآن كلمة «كتاب» بهذا المعنى في مواضع عدّة، و من ذلك ما تناولته الآية (24) من
سورة النساء حين بيّنت حرمة الزواج من المتزوجات:
كِتابَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ أي، إنّ هذا الحكم (و ما سبقه من أحكام)، هي
أحكام قررها اللّه عليكم، و كذلك ما جاء في الآية (75) من سورة الأنفال:
وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ،
أي فيما قرره اللّه و جعله من أحكام.
و ممّا يؤيد
هذا التّفسير ما جاء في الرّوايات من أنّ «سجّين» هي «جهنم» ...
ففي تفسير
علي بن إبراهيم، قال في تفسير: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي
سِجِّينٍ: ما كتب اللّه لهم من العذاب لفي سجّين.
و
عن الإمام
الباقر عليه السّلام، أنّه قال: «السجّين الأرض السابعة، و علّيون
السماء السابعة»،