وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ؟ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ
إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا
مَتْرَبَةٍ.
من هنا فالعقبة التي لم يتهيأ الكافرون بأنعم اللّه لاجتيازها هي: فك رقبة عبد
من الرقبة أي تحريره أو إطعام في يوم الضائقة الاقتصادية و المجاعة، يتيما ذا قربى
أو فقيرا قد لصق بالتراب من شدّة فقره، العقبة هي مجموعة أعمال الخير التي تتجه
لخدمة النّاس و الأخذ بيد الضعفاء و المعوزين، كما إنّها أيضا مجموعة من المعتقدات
الصحيحة الخالصة تشير إليها الآيات التالية.
نعم، إن اجتياز هذه العقبة ليس بالأمر اليسير لما لأغلب النّاس من التصاق
بالمال و الثروة.
ليس الإسلام و الإيمان بالقول و الادعاء، بل أمام كلّ إنسان مسلم و مؤمن عقبات
يجب أن يجتازها الواحدة بعد الاخرى، مستمدا العون من اللّه سبحانه و من روح
الإيمان و الإخلاص.
بعضهم ذهب إلى أنّ «العقبة» هنا تعني أهواء النفس التي حثّ الرّسول الأكرم
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على مقاومتها و مجاهدتها، و يسمى ذلك «الجهاد
الأكبر»، و استنادا إلى هذا التّفسير يكون فك الرقبة و إطعام المسكين من المصاديق
البارزة لاجتياز عقبة هوى النفس.
و من المفسّرين من قال إنّ «العقبة» هي الصراط الصعب يوم القيامة، كما جاء
في حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
استفهامية، و الإشكال الوحيد الذي يرد على أنّها خبرية هو عدم تكرارها لأنّ
(لا) النافية حين تدخل على الفعل الماضي تكرر عادة كقوله سبحانه: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى، و لم تتكرر في الآية. و يذكر «الطبرسي» في «مجمع البيان» مواضع من أقوال
العرب لم تتكرر فيها (لا) النافية مع دخولها على الفعل الماضي، و إلى ذلك ذهب أيضا
«الفخر الرازي» و «القرطبي»، و قيل إنّ (لا) إذا كانت بمعنى «لم» لا يلزم تكرارها
و بعضهم احتمل التكرار في التقدير و المعنى: فلا اقتحم العقبة و لا فك رقبة، و لا
أطعم في يوم ذي مسغبة.