تحمل «التكليف» و المسؤولية غير ممكن دون شك، بغير المعرفة و الوعي و حسب هذه
الآية فإنّ اللّه سبحانه منح الإنسان هذه المعرفة.
و هذه المعرفة يحصل عليها الإنسان من ثلاثة طرق: من الإدراكات العقلية و
الاستدلال، و من طريق الفطرة و الوجدان دون الحاجة إلى الاستدلال، و من طريق الوحي
و تعاليم الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، و كل ما يحتاجه البشر ليطوي مسيرة
تكامله قد بيّنه اللّه سبحانه له بواحد من هذه الطرق أو في كثير من الحالات بالطرق
الثلاثة معا.
و يلاحظ أن الحديث المذكور يصرّح بأن نجد الشرّ ليس أحبّ إلى طبع الإنسان من
نجد الخير، و هذا يردّ على القائلين بأن الإنسان مطبوع على الشرّ و إن سلوك طريق
الشرّ أيسر له و أسهل.
و من المؤكّد أن البيئة الاجتماعية لو خلت من التربية الخاطئة و الانحرافات
لوفرت الأجواء لرغبة متزايدة في الإنسان نحو الخير، و لعل تعبير «نجد» و هي الأرض
المرتفعة لطريق الخير يعود إلى أن الأرض المرتفعة ذات هواء أنقى و جوّ أبهج، و
إنّما اطلق النجد للشرور أيضا من باب التغليب [1].
و قيل أيضا أنّ التعبير بالنجدين إشارة إلى ظهور طريقي الخير و الشرّ و
بروزهما، كبروز و ظهور الأرض المرتفعة.