المنخفضة، و هنا كناية عن الخير و الشرّ و عن سير السعادة و الشقاء [1].
و يكفي أن نذكر في النعم السابقة أنّ:
«العين» أهم وسيلة لارتباط الإنسان
بالعالم الخارجي، عجائب العين تدفع الإنسان حقّا إلى الخضوع أمام خالقه، الطبقات
السبع للعين و هي المسماة بالقرنية، و المشيمية، و العنبية، و الجلدية، و
الزلالية، و الزجاجية، و الشبكية، لكلّ منها تركيب عجيب دقيق مدهش، روعيت فيها
القوانين الفزيائية و الكيمياوية المتعلقة بالنور و انعكاساته على أدق وجه، حتى إن
أعقد أجهزة التصوير تعتبر تافهة مقارنة بهذا العضو.
لو لم يكن في الكون سوى الإنسان، و لم يكن من وجود الإنسان سوى العين، لكانت
مطالعة هذا العضو كافية وحدها لمعرفة علم اللّه الواسع و قدرته الجبّارة جلّ و
علا.
و أمّا «اللسان»، فهو أهم وسائل ارتباط الإنسان بغيره من أبناء جلدته، و نقل
المعلومات و تبادلها بين أبناء البشر في الجيل الواحد و في الأجيال المتعاقبة، و
بدون هذه الوسيلة الهامّة من وسائل الارتباط ما كان بإمكان الإنسان إطلاقا أن
يرتقي إلى ما ارتقى إليه في العلم و المعرفة.
و «الشفتان»: تلعبان أوّلا دورا في هامّا في النطق، إذ أن الشفتين مخرج لكثير
من الحروف، و الشفتان تقومان بدور أيضا في هضم الطعام و المحافظة على رطوبة الفم،
و شرب الماء، ترى لو انعدمت الشفتان فما ذا كان وضع الإنسان في أكله و شربه و نطقه
و المحافظة على ماء فمه و حتى جمال وجهه و شكله؟! إنّ درك الحقائق يتمّ أوّلا
بالعين و اللسان ... و لذلك تقدم ذكرهما في
[1]- روي عن أمير المؤمنين علي عليه
السّلام أنّه قيل له: إنّ أناسا يقولون في قوله (و هديناه النجدين) أنّهما الثديان
(أي ثديا الأم) فقال: «لا، هما الخير و الشرّ» مجمع البيان، ذيل الآيات المذكورة،
و ضمنا التعبير ب «نجد» على الخير من أجل عظمته و في مورد الشرّ من باب التغليب.