responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 20  صفحة : 195

حرّم اللّه لحمك عليّ، فلا يبقى أحد إلّا قال: نفسي نفسي، و إنّ محمّدا يقول: ربّ أمّتي أمّتي» [1].

نعم، فحينما يرى المذنب كلّ تلك الحوادث تهتز فرائصه و يتزلزل رعبا، فيستيقظ من غفلته و يعيش حالة الهمّ و الغمّ، و يتحسر على كلّ لحظة مرّت من حياته بعد ما يرى ما قدّمت يداه، و لكن. هل للحسرة حينها من فائدة؟! و كم سيتمنى المذنب لو تسنح له الفرصة ثانية للرجوع إلى الدنيا و إصلاح ما أفسد، و لكنّه سيرى أبواب العودة مغلقة، و لا من مخرج! ...

و يودّ التوبة .. و هل للتوبة من معنى بعد غلق أبوابها؟! و يريد أن يعمل صالحا .. و لكن أين؟ فقد طويت صحائف الأعمال، و يومها يوم حساب بلا عمل! ..

و عندها .. بملإ يصرخ كيانه: يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي‌.

و في قولته نكتة لطيفة، فهو لا يقول قدّمت لآخرتي بل «لحياتي»، و كأنّ المعنى الحقيقي للحياة لا يتجسد إلّا في الآخرة.

كما أشارت لهذه الآية (64) من سورة العنكبوت: وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‌.

نعم، ففي دنياهم: يسرقون أموال اليتامى، لم يطعموا المساكين، يأخذون من الإرث أكثر ممّا يستحقون و يحبّون المال حبّا جمّا.

و في أخراهم، يقول كلّ منهم: يا ليتني قدّمت لحياتي الحقيقية الباقية .. و لكنّ التمني ليس أكثر من رأس مال المفلسين.

و تشير الآية التالية إلى شدّة العذاب الإلهي: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ.

نعم، فمن استخدم في دنياه كلّ قدرته في ارتكاب أسوء الجرائم و الذنوب،


[1]- مجمع البيان، ج 10، ص 483؛ و عنه الميزان، ج 20، ص 415، و مثله في تفسير الدّر المنثور.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 20  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست