و الخضوع و التسليم لربوبية الخالق الواحد الأحد؟! و ينقلنا إلى الجبال: وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ.
الجبال التي تشمخ بتعمق جذورها في باطن الأرض، و تحيط بالأرض على شكل حلقات و
سلاسل لتقلل من شدّة الزلازل الناشئة من ذوبان المواد المعدنية في باطن الأرض، و
كذا ما لها من دور في حفظ الأرض من عملية المدّ و الجزر الناشئة من تأثيرات الشمس
و القمر .. الجبال التي لو لا وجودها بهذه الهيئة لما توفرت ظروف عيش الإنسان على
سطح الأرض، لما تمثله من سد منيع أمام قوّة أثر العواصف .. و أخيرا، الجبال التي
تحفظ الماء في داخلها لتخرجه لنا على صورة عيون فياضة نعم الأرض ليخضر بساطها
بأنواع المزارع و الغابات.
و لعل ذلك كلّه كان وراء وصفها «أوتادا» في القرآن الكريم.
فهي عموما .. مظهر الابهة و الصلابة و الشموخ، و هي مصدر خير و بركة معطاة، و
لعل ذلك من علل تفتح ذهنية الإنسان عندها، كما و ليس من العبث أن يتّخذ رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جبل النور و غار حراء محلا لعبادته قبل البعثة
المباركة.
«نصبت»: من (النصب)، و هو التثبيت، و
ربّما رمز هذا التعبير إلى بداية خلق الجبال أيضا.
فقد توصل العلم الحديث إلى أنّ تكّون الجبال يعتمد على عوامل عديدة و قسمها
إلى عدّة أنواع:
فمنها: ما تكون نتيجة للتراكمات الحاصلة على الأرض.
و منها: ما تكون من الحمم البركانية.
و منها: ما تكون نتيجة لتفتت الأرض بواسطة الأمطار.
و كذا منها: ما تكون نتيجة للترسبات الحاصلة في أعماق البحار و من بقايا
الحيوانات (كالجبال و الجزر و المرجانية).
نعم، فالجبال و بكلّ ما فيها و لها تعدّ آية من آيات القدرة الإلهية، لمن رآها