ظاهر كلمة «عين» في الآية، إنّها عين واحدة بدليل مجيئها نكرة، إلّا أنّه
بالرجوع إلى بقية الآيات في القرآن الكريم، يتبيّن لنا إنّها للجنس، فهي و الحال
هذه تشمل عيونا مختلفة، و من قرائن ذلك ما جاء في الآية (15) من سورة الذاريات: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ.
و قيل: في كلّ قصر من قصور أهل الجنّة، ثمّة «عين جارية»، و هو المراد في
الآية، و من ميزة تلك الأنهار أنّها تجري حسب رغبة أهل الجنّة، فلا داعي معها لشقّ
أرض أو وضع سد.
و ينهل أهل الجنّة أشربة طاهرة و متنوعة، فتلك العيون و على ما لها من رونق و
روعة، فلكلّ منها شراب معين له مواصفاته الخاصّة به.
و ينتقل الوصف إلى أسرة الجنّة: فِيها
سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ.
«سرر»: جمع (سرير)، و هو من (السرور)،
بمعنى المقاعد التي يجلس عليها في مجالس الانس و السرور [1].
و جعلت تلك الأسرة من الارتفاع بحيث يتمكن أهل الجنّة من رؤية كلّ ما يحيط بها
و التمتع بذلك.
يقول ابن عباس: إذا أراد أن يجلس عليها، تواضعت له حتى يجلس عليها، ثمّ ترتفع
إلى موضعها. [2] و يحتمل
أيضا: وصفت بالمرفوعة إشارة إلى رفعتها و علو شأنها.
و قيل: إنّها من الذهب المزين و المرصع بالزبرجد و الدرّ و الياقوت.
و لا مانع من الجمع بين ما ذكر.
و لمّا كان شرب الشراب يستلزم ما يشرب به، فقد قالت الآية التالية: