أوّل: تطهير الروح و تزكيتها من الشرك، بقرينة الآيات السابقة، و باعتبار أن
التطهير من الذنوب و عبادة اللّه، يعتمد بالأساس على التطهير من الشرك، فهو مقدمته
اللازمة.
الثّاني: تطهير القلب من الرذائل الأخلاقية، و القيام بالأعمال الصالحة،
بدلالة آيات الفلاح الواردة في كتاب اللّه الكريم، كالآيات الاولى من سورة المؤمن
التي ذكرت أعمالا صالحة بعد أن قالت: قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، و كذا الآية
(9) من سورة الشمس التي قالت، بعد ذكر مسألة التقوى و الفجور: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها.
الثّالث: «زكاة الفطرة» التي تؤدى يوم عيد الفطر، لأنّها تدفع أوّلا ثمّ يصلى
صلاة العيد، و هذا المعنى قد ورد في جملة رّوايات، رويت عن الإمام الصادق عليه
السّلام [1]، كما و
روي في كتب أهل السنة ما يؤيد هذا المعنى نقلا عن أمير المؤمنين عليه السّلام [2].
و يواجه القول الثّالث بالإشكال التالي: إنّ سورة الأعلى مكيّة، في حين أن
تشريع زكاة الفطرة و صوم شهر رمضان و صلاة العيد قد نزل في المدينة.
فأجاب البعض: لا مانع من اعتبار أوائل آيات السّورة مكّية و أواخرها مدنية،
فتكون الآيات المبحوثة مدنية.
و يحتمل أن يكون التّفسير المذكور من قبيل بيان مصداق واضح للآية، و ليس مطلق
مراد الآية.
الرّابع: يراد ب «التزكية» في الآية بمعنى: إعطاء الصدقة.
المهم أن «التزكية» ذات مداليل واسعة تشمل: تطهير الروح من الشرك، تطهير
الأخلاق من الرذائل، تطهير الأعمال من المحرمات و الرياء، تطهير الأموال و الأبدان
بإعطاء الزكاة و الصدقات في سبيل اللّه،