الرابطة
الشديدة بين الدين و الحضارة و حاجة المجتمعات المتحضّرة إلى الدين من أجل حل
الاختلافات و التناقضات الهدّامة يتّضح أنّ الدين لا بدّ أن يتحقّق في هذه المنطقة
بالذّات.
و عند ما نرى
أنّ الإسلام انطلق من محيط جاهلي متخلّف كمجتمع مكّة و مدينة في تلك الأيّام، فذلك
بسبب أنّ هذه المنطقة تقع على مفترق طرق عدّة حضارات عظيمة في ذلك الزّمان، ففي
الشمال الشرقي من جزيرة العرب كانت الحضارة الفارسيّة و بقيّة من حضارة بابل، و
إلى الشمال كانت حضارة الرّوم، و في الشّمال الغربي كانت حضارة مصر القديمة بينما
كانت حضارة اليمن في الجنوب.
و في الحقيقة
أنّ مركز ظهور الإسلام في ذلك الزمان كان بمثابة مركز الدّائرة الّتي تحيط بها
الحضارات المهمّة في ذلك الزمان (فتأمّل بالدّقة).
4- حلّ
الاختلافات من أهم أهداف الدّين
هناك عدّة
أهداف للأديان الإلهيّة، منها تهذيب النّفوس البشريّة و إيصالها إلى المقام القرب
الإلهي، و لكن من أهمّ الأهداف أيضا هو رفع الاختلافات، لأنّ هناك بعض العوامل من
قبيل القوميّة و الرّس و اللّغة و المناطق الجغرافية دائما تكون عوامل تفرقة بين
المجتمعات البشريّة، و الأمر الّذي بإمكانه أن يوحّد هذه الحلقات المختلفة و يكون
بمثابة حلقة اتّصال بين أفراد البشر من مختلف القوميّات و الألوان و اللّغات و
المناطق الجغرافية هو الدّين الإلهي، حيث بإمكانه أن يهدم جميع هذه السدود، و يزيل
تمام هذه الحدود، و يجمع البشريّة تحت راية واحدة بحيث نرى نموذجا من ذلك في مناسك
الحجّ العباديّة و السياسيّة.
و عند ما نرى
أنّ بعض الأديان و المذاهب هي السبب في الاختلاف و النّزاع بين طوائف البشر،
لأنّها قد خالطتها الخرافات و اقترنت بالتّعصب الأعمى، و إلّا