يتضح من هذا أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في حملته لإلغاء
الديون الربوية في الجاهلية قد بدأ بأقربائه أوّلا. و إذا كان بينهم أشخاص أثرياء
مثل العبّاس ممّن كانوا مثل غيرهم يتعاطون الربا في الجاهليّة، فقد ألغى رسول
اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم- أوّلا- ربا هؤلاء.
و جاء في الروايات أن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم بعد نزول هذه الآيات
امر أمير مكّة بأنه لو استمر آل المغيرة الذين كانوا معروفين بالربا في عملهم
فليقاتلهم [2].
التّفسير
في الآية الأولى يخاطب اللّه المؤمنين و يأمرهم بالتقوى ثمّ يأمرهم أن
يتنازعوا عمّا بقي لهم في ذمّة الناس من فوائد ربوية.
يلاحظ أنّ الآية بدأت بذكر الإيمان باللّه و اختتمت بذكره، ممّا يدلّ بوضوح
على عدم انسجام الربا مع الإيمان باللّه.
تتغيّر في هذه الآية لهجة السياق القرآني، فبعد أن كانت الآيات السابقة تنصح و
تعظ، تهاجم هذه الآية المرابين بكلّ شدة، و تنذرهم بلهجة صارمة أنّهم إذا واصلوا
عملهم الربوي و لم يستسلموا لأوامر اللّه في الحقّ و العدل و استمرّوا في امتصاص
دماء الكادحين المحرومين فلا يسع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلّا أن
يتوسّل بالقوّة لإيقافهم عند حدّهم و إخضاعهم للحق، و هذا بمثابة إعلان الحرب
عليهم.
[1]- مجمع البيان: ج 1 ص 392، و الدر
المنثور: ج 2 ص 109 مع تفاوت يسير.