جماعتين و هي «الشكور» و «الكفور»، و الآيات في هذا المقطع تتحدث المكافآت
التي أنعم اللّه بها على الأبرار و تذكّر بأمور ظريفة في هذا الباب. فيقول تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها
كافُوراً. «الأبرار»: جمع (بر) و أصله الاتّساع، و أطلق
البر على الصحراء لا تساع مساحتها، و تطلق هذه المفردة على الصالحين الذين تكون
نتائج أعمالهم واسعة في المجتمع، و «البر» بكسر الباء هو الإحسان، و قال بعض: إنّ
الفرق بين البر و الخير هو أنّ البر يراد به الإحسان مع التوجه و الإرادة، و أمّا
الخير فإنّ له معنى أعمّ.
«كافور»: له معان متعددة في اللّغة، و
أحد معانيها المعروفة الرائحة الطيبة كالنبتة الطيبة الرائحة، و له معنى آخر مشهور
هو الكافور الطبيعي ذو الرائحة القوية و يستعمل في الموارد الطبية كالتعقيم.
على كل حال فإنّ الآية تشير إلى أنّ هذا الشراب الطهور معطّر جدّا فيلتذ به
الإنسان من حيث الذوق و الشم.
و ذهب بعض المفسّرين الى أنّ «كافور» اسم لأحد عيون الجنّة. و لكن هذا
التّفسير لا ينسجم مع عبارة «كان مزاجها كافورا». و من جهة أخرى يلاحظ أنّ
«الكافور» من مادة «كفر» أي بمعنى «التغطية»، و يعتقد بعض أرباب اللغة كالراغب في
المفردات أنّ اختيار هذا الاسم هو أنّ فاكهة الشجرة التي يؤخذ منها الكافور مغطاة
بالقشور و الأغلفة.
و قيل: هو إشارة إلى شدّة بياضه و برودته حيث يضرب به المثل، و الوجه الأوّل
أنسب الوجوه، لأنّه يعد مع المسك و العنبر في مرتبة واحدة، و هما من أفضل العطور.
ثمّ يشير إلى العين التي يملؤون منها كؤوسهم من الشراب الطهور فيقول: